الجمعة، 20 فبراير 2015

هذا هو البخاري يا ....جاهل ( 4 )
==================
البخاري.. منهج خاص
============
كان للبخاري منهج خاص في حياته كلها، وبالأخص في العلم وتدوين الحديث.. فقد ظل ستة عشر عامًا يجمع الأحاديث الصحاح في دقة متناهية، وعمل دؤوب، وصبر على البحث، وتحرٍ للصواب، قلما توافر لباحث قبله أو بعده، وكان بعد كل هذا لا يدون الحديث إلا بعد أن يغتسل ويصلي ركعتين!!
وقد بات عنده أحد تلامذته ذات ليلة، فأحصى عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثمان عشرة مرة!!
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانًا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري (يشعل) نارًا ويسرج، ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها .
وروي عن البخاري أنه قال: لم تكن كتابتي للحديث كما كَتبَ هؤلاء؛ كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته، وحمله الحديث إن كان الرجل فهمًا، فإن لم يكن سألته أن يخرج إلى أصله ونسخته..
وكان العباس الدوري يقول: ما رأيت أحدًا يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل، كان لا يدع أصلاً ولا فرعًا إلا قلعه، ثم قال لنا: لا تدعوا من كلامه شيئًا إلا كتبتموه!
وكان من كلام البخاري رحمه الله: "ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرت في عامة كتب الرأي، وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها، فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلا كتبته، إلا ما لم يظهر لي".
وقال بكر بن منير: سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا، قلت: صدق، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه؛ فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر ونحو هذا، وقل أن يقول: فلان كذاب أو كان يضع الحديث، حتى إنه قال: إذا قلت: فلان في حديثه نظر، فهو متهم واه، وهذا معنى قوله: "لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدًا"، وهذا هو -والله- غاية الورع >

الجمعة، 6 فبراير 2015

هذا هو البخاري يا ....جاهل ( 3 )
==================
شيوخ الإمام البخاري :
------------------------
يزيد عدد شيوخ البخاري عن ألف شيخ من الثقات الأعلام!!
وتراه هو يعبر عن ذلك فيقول: "كتبت عن ألف شيخٍ وأكثر، ما عندي حديث إلا أذكر
إسناده"!! .
ويحدد عدد شيوخه فيقول: "كتبت عن ألف وثمانين نفسًا،
ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" .
وكان من شيوخ الإمام البخاري المعروفين والذين روى عنهم:
أحمد بن حنبل، ويذكره البخاري ممتنًا فيقول:
"قال لي في آخر ما ودَّعته: يا أبا عبد الله، تدع العلم والناس وتصير إلى خراسان؟
قال: فأنا الآن أذكر قوله.
وكان من شيوخه أيضًا يحيى بن معين،
وإسحاق بن راهويه،
وعلي بن المديني،
وقتيبة بن سعيد،
وأبو بكر بن أبي شيبة،
وأبو حاتم الرازي، وغيرهم ..

الخميس، 5 فبراير 2015

هذا هو البخاري يا ....جاهل ( 1 )
===============
البخاري.. تربيةُ أمٍّ صالحة :
-----------------------------
كانت البداية في بخارى (إحدى مدن أوزبكستان الآن)، وتحديدًا في ليلة الجمعة 13من شوال، سنة 194هـ، حيث ولادته
وقد عرفت أسرته الإسلام عن طريق جده "المغيرة بن بردذبة"، فكان أول من أسلم من أجداده، وكان إسلامه على يد وإلى بخارى "اليمان الجعفي"؛ ولذلك نُسِب إلى قبيلته، وانتمى إليها بالولاء، وأصبح "الجعفي" نسبًا له ولأسرته من بعده.
وكان قدر الله أن يموت والد البخاري وهو مازال طفلاً صغيرًا، لينشأ يتيمًا في حجر أمه، التي قامت على تربيته أحسن تربية.. لتُري أمهات المسلمين -والأرامل منهن خاصة- كيف تكون تربية الأبناء.. وما هو دور الأم في جهادها لرفعة الأمة والنهوض بها..؟!
لم تكن بداية البخاري الطفل ككل الأبناء؛ إذ ابتلاه الله هز وجل في صباه بفقدان بصره!! ولكنَّ أمه الصالحة لم تنقطع صلتُها بربها، وكانت تتودد إليه ليل نهار، وهي تدعوه سبحانه راجية أن يرد على صبيها بصره.. ويشاء الله أن يسمع دعاءها، فيأتيها إبراهيم عليه السلام يبشرها في المنام يقول لها: "يا هذه، قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك"!!
فأصبح البخاري وقد ردّ الله عليه بصره، بحسن صلة أمه بربها، وبركة دعائها له..!!
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أنعم الله عز وجل عليه وهو مازال في طفولته بالنجابة والذكاء، ووهبه سبحانه ذاكرةً قويَّة، قلَّما وهبها غيرَه، حتى كان آية في الحفظ..
وقد زادت أمه من العناية به، وتعهدته بالرعاية والتعليم والصلاح، فكانت تدفعه إلى العلم وتحببه فيه، وتزين له أبواب الخير.. فنشأ البخاريُّ مستقيمَ النفس، متين الخلق، محبًا للعلم، مقبلاً على الطاعة.. حتى ما كاد يتم العاشرة إلا وكان قد حفظ القرآن الكريم، وبدأ يتردد على الشيوخ والمحدثين..
يقول محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله (البخاري): كيف كان بدء أمرك؟ قال: أُلهِمتُ حفظ الحديث وأنا في المكتب (الكُتَّاب). فقلت: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من المكتب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره، فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم. فقلت له: إن أبا الزبير لم يروِ عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم، فأخذ القلم مني وأحكم (أصلح) كتابه، وقال: صدقت. فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة!!
وما كاد البخاري يبلغ السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين، حتى بلغ محفوظه آلاف الأحاديث وهو لا يزال غلامًا.. وكانت بخارى آنذاك مركزًا من مراكز العلم، تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء .
هذا هو البخاري يا ....جاهل ( 2 )
==================
رحلة العلم.. وما زال دور الأم
-------------------------------
في مرحلة جديدة.. وفي دور جديد لأمه في إحكام تربيته ونشأته.. أخذته وهو في سن السادسة عشرة هو وأخًا له يدعى أحمد إلى مكة للحج..
كانت فرصة عظيمة عند البخاري الصغير ليحج، ثم تتفتح له آفاقٌ أوسع من أبواب العلم ينهل منها.. وقد تمَّ له ذلك؛ فلما أَدَّوا جميعًا مناسك الحج، تخلَّف هو لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ، ورجعت أمه وأخوه إلى بخارى..
وعلى ما يبدو؛ فإن أمه هي التي كانت صاحبة هذه الفكرة، في أن يحج، ثم يظل يأخذ العلم بلسان العرب ومن منبعه ورافده الأول.. فهي بصدد إعداده لا ليرجع فيعلم قومه وأهل بلده فقط، وإنما ليعود فيُعلِّم الدنيا..
وفي الحرمين الشريفين، كانت بداية رحلة البخاري في طلب العلم، وقد ظل بهما ستة أعوام، ينهل من الشيوخ والعلماء، انطلق بعدها متنقلاً بين حواضر العالم الإسلامي.. يجالس العلماء ويحاور المحدِّثين، ويجمع الحديث، ويعقد مجالس للتحديث، ويتكبد مشاق السفر والانتقال.. لم يترك حاضرة من حواضر العلم إلا نزل بها وروى عن شيوخها، وربما حلَّ بالبلد الواحد مرات عديدة، يغادره ثم يعود إليه مرة أخرى..
وكان من الحواضر الإسلامية التي نهل منها وأخذ من شيوخها غير مكة والمدينة، بغداد وواسط، والبصرة، والكوفة، ودمشق، وقيسارية، وعسقلان، وخراسان، وبلخ، ونيسابور، ومرو، وهراة، ومصر، وغيرها..
وفي مثال يدل على عجب أقرانه منه وهو خارج موطنه، يقول محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان: كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب، حتى أتى على ذلك أيام، فكنا نقول له: إنك تختلف معنا ولا تكتب، فما تصنع؟ فقال لنا يومًا بعد ستة عشر يومًا: إنكما قد أكثرتما عليّ وألححتما، فاعرضا عليّ ما كتبتما، فأخرجنا إليه ما كان عندنا، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه، ثم قال: أترون أني أختلف هدرًا وأضيع أيامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد .
وعن رحلاته في طلب العلم يقول البخاري: "دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد".

هذا هو البخاري يا ....جاهل ( 1 )
===============
البخاري.. تربيةُ أمٍّ صالحة :
-----------------------------
كانت البداية في بخارى (إحدى مدن أوزبكستان الآن)، وتحديدًا في ليلة الجمعة 13من شوال، سنة 194هـ، حيث ولادته
وقد عرفت أسرته الإسلام عن طريق جده "المغيرة بن بردذبة"، فكان أول من أسلم من أجداده، وكان إسلامه على يد وإلى بخارى "اليمان الجعفي"؛ ولذلك نُسِب إلى قبيلته، وانتمى إليها بالولاء، وأصبح "الجعفي" نسبًا له ولأسرته من بعده.
وكان قدر الله أن يموت والد البخاري وهو مازال طفلاً صغيرًا، لينشأ يتيمًا في حجر أمه، التي قامت على تربيته أحسن تربية.. لتُري أمهات المسلمين -والأرامل منهن خاصة- كيف تكون تربية الأبناء.. وما هو دور الأم في جهادها لرفعة الأمة والنهوض بها..؟!
لم تكن بداية البخاري الطفل ككل الأبناء؛ إذ ابتلاه الله هز وجل في صباه بفقدان بصره!! ولكنَّ أمه الصالحة لم تنقطع صلتُها بربها، وكانت تتودد إليه ليل نهار، وهي تدعوه سبحانه راجية أن يرد على صبيها بصره.. ويشاء الله أن يسمع دعاءها، فيأتيها إبراهيم عليه السلام يبشرها في المنام يقول لها: "يا هذه، قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك"!!
فأصبح البخاري وقد ردّ الله عليه بصره، بحسن صلة أمه بربها، وبركة دعائها له..!!
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أنعم الله عز وجل عليه وهو مازال في طفولته بالنجابة والذكاء، ووهبه سبحانه ذاكرةً قويَّة، قلَّما وهبها غيرَه، حتى كان آية في الحفظ..
وقد زادت أمه من العناية به، وتعهدته بالرعاية والتعليم والصلاح، فكانت تدفعه إلى العلم وتحببه فيه، وتزين له أبواب الخير.. فنشأ البخاريُّ مستقيمَ النفس، متين الخلق، محبًا للعلم، مقبلاً على الطاعة.. حتى ما كاد يتم العاشرة إلا وكان قد حفظ القرآن الكريم، وبدأ يتردد على الشيوخ والمحدثين..
يقول محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله (البخاري): كيف كان بدء أمرك؟ قال: أُلهِمتُ حفظ الحديث وأنا في المكتب (الكُتَّاب). فقلت: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من المكتب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره، فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم. فقلت له: إن أبا الزبير لم يروِ عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم، فأخذ القلم مني وأحكم (أصلح) كتابه، وقال: صدقت. فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة!!
وما كاد البخاري يبلغ السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين، حتى بلغ محفوظه آلاف الأحاديث وهو لا يزال غلامًا.. وكانت بخارى آنذاك مركزًا من مراكز العلم، تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء .

الجمعة، 9 يناير 2015

قال الله تعالى:
========
(مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48))سورة :المدثر
العجيب في هذه الآيات الكريمة أنها جعلت الخوض مع الخائضين قرين ترك الصلاة والزكاة والإيمان باليوم الآخر. فما هو يا ترى هذا الأمر الجلل الذي جُعل في مثل هذه المنزلة المخيفة؟
المعروف لغة أن الخوض هو المشي في الماء ويفهم من ذلك أن الماشي فيه لايستطيع رؤية الطريق فقد يطأ حجرا أو مخلوقا مفترسا أو غير ذلك، وربما يقذفه تيار الماء إلى حيث لايريد.
والمعاني التي جاءت في كتب التفسير تفسر الآية بالتكذيب مع المكذبين أو الغواية مع الغاوين أو أن يكون الشخص تابعا لا متبوعا أو أن لايبالي ويكثر من الكلام الذي لاخير فيه.
وخطر ببالي أن الآية بدأت بحقوق الله وركنها الصلاة ثم حقوق العباد وعلى رأسها إطعام المساكين ثم ثلثت بحق النفس وعدم ابتذالها وإهانتها بل بتنزيهها عن اللغو والخوض بالباطل والتحدث دون علم وإضاعة الاوقات مع البطالين والسفهاء. وترك الاستفادة من النعم العظيمة التي أودعها الله في نفوس البشر وأولها نعمة العقل والعلم.
وقد يستفاد من هذه الإشارة مايلي:
1. مضار المسير الأهوج خلف كل ناعق وأنه ينبغي على السائر أن يكون هادئا في مشيه كثير النظر والتأمل، قليل الكلام، دائم الاستكشاف حتى يتمكن من وضع قدمه في المكان الآمن.
2. شؤم التقليد وما يقود إليه من المصائب وأنه يتوجب كسب العلم قبل القول والعمل. فلا يجوز لمسلم أن يتكلم بلاعلم ولاعقل فإن فعل فقد أنزل نفسه أحط المنازل.
3. مضار الاغترار بالكثرة.
4. ضرر الكلام الكثير وأن يكون الانسان مستمعا أكثر منه متكلما وربما لذلك جعل للإنسان إذنان ولسان واحد وقد كان عليه السلام كثير الاستماع حتى وصفه المنافقون بأنه أُذُن.
5. ضرر مخالطة أهل الباطل في باطلهم والاستمرار على ذلك، لأن وصفهم بالفعل المضاع يشير إلى ذلك.
6. العواقب الوخيمة للاستهتار وعدم المبالاة وما يترتب على ذلك من الضرر العظيم فعلى المسلم أن يأخذ أمور دينه على محمل الجد وأن لا يكون إمعة يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت. بل يدور مع الحق حيث دار.
والله أعلم .
منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول .

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

الخوف من الله :
=========

يقول أحد الصالحين :
============
كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى:
(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (الرحمن:46) ،
إنها آية واحدة تغني عن كثير من المواعظ .
ونقول : هكذا فليكن التدبر ، وهل يراد من القرآن إلا تدبره والعمل به؟

الأحد، 30 مارس 2014

الدنيا في القرآن الكريم :

 الدنيا في القرآن الكريم: 
---------------------------------------------
أخبرنا الله عز وجل عن حقيقة الدنيا في عدد من الآيات منها قوله تعالى:
﴿وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران:185] 

متاع الغرور، أي: متاع زائل غار ببهرجه وجمال منظره، ثم لا يلبث أن يذهب ويزول .

﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾[الأنعام:32] 

اللعب: العمل الذي لا يجلب درهماً للمعاش، ولا حسنة للمعاد، واللهو: ما يشغل الإنسان عما يعنيه مما يكسبه خيراً أو يدفع عنه ضيراً .

﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾[التوبة: 38] 

﴿وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ﴾[الرعد: 26] 

مَتَاعٌ: شَيْءٌ قَلِيلٌ ذَاهِبٌ زَائِلٌ .

عن ابن عباس قال :


----------------------


مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة ميتة قد ألقاها أهلها فقال : " والذي نفسي بيده ، للدنيا أهون على الله - عز وجل - من هذه على أهلها "

وقال صلى الله عليه وسلم: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء" 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 
----------------------------------------
ـ اغمض عن الدنيا عينك، وول عنها قلبك، واياك ان تهلكك كما أهلكت من كان قبلك، فلقد رأيت مصارعها، وعانيت سوء آثارها علي أهلها وكيف عري من كست، وجاع من أطعمت، ومات من أحيت

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
------------------------------------------
: "من هوان الدنيا على الله أنه لا ُيعصى إلا فيها, ولا ُينال ما عنده إلا بتركها"
وقال أيضا :
ـ الدنيا والآخرة ضرتان. فبقدر ما ترضي احداهما تسخط الأخري. 


- قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: 
---------------------------------------------
ـ الدنيا العافية، والشباب الصحة، والمروءة الصبر، والكرم التقوي، والحب المال. 
- قال أحد الفصحاء: 
---------------------
ـ ان الدنيا تقبل اقبال الطالب، وتدبر ادبار الهارب، وتصل وصال الملول، وتفارق فراق التجول، فخيرها يسير وعيشها قصير، واقبالها خديعة وادبارها فجيعة، ولذاتها فانية وتبعاتها باقية. فاغتنم غفوة الزمان وانتهز فرصة الامكان، وخذ من نفسك لنفسك وتزود من يومك لغدك. 

- قال لقمان لابنه وهو يعظه: 
-------------------------------
ـ يا بني. ان الدنيا بحر عميق، فلتكن سفينتك تقوي الله، وعتادها الإيمان بالله، وشراعها التوكل علي الله. لعلك تنجو .

- قال مؤدق بن الأجدع لأهل الكوفة: 
----------------------------------------
ـ الا اريكم الدنيا؟ هذه الدنيا كلها أكلوها فافنوها، ليسوها فابلوها، سفكوا فيها دماءهم، واستحلوا فيها محارمهم، وقطعوا فيها أرحامهم. 

- قال عمار بن عبدقيس: 
---------------------------ـ الدنيا والدة الموت ناقضة للمبرم، مرتجعة للعطية، وكل من فيها يجري إلي ما لا يريد، وكل مستقر فيها غير راض عنها وذلك شهيد علي أنها ليست بدار قرار. 

- قال أحد الحكماء: 
---------------------
ـ دار الدنيا كأحلام المنام، وسرورها كظل الغمام، وأحداثها كصوائب السهام، وشهوتها كشرب السمام (السموم) وفتنتها كالأمواج الطوام .

- قال عمرو بن عبيد للخليفة المنصور: 
------------------------------------------
ـ ان الله قد وهب لك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك منه ببعضها. 
- قال منصور بن عمار: 
------------------------
ـ الدنيا أولها بكاء، وأوسطها عناء، وآخرها فناء .

- قال حكيم: 
-------------
ـ الدنيا دار كدر، ولن ينجو ممنها إلا أهل الحذر .
--------------------------
- قال الحسن البصري: 
ـ انما الدنيا حلم والآخرة يقظة والموت متوسط، ونحن في أضغاث أحلام

المؤاخـــــــاة :

 فوائد من كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي
=======================

قال بعض الحكماء: 
-------------------
اصطف من الاخوان ذا الدين والحسب والرأي والادب، 

فإنه ردء لك عند حاجتـك، 

ويد عند نائبتـــــــــــــك، 

وأنس عند وحشـــــــتك،

وزين عند عافيــــــــــتك.


وقال حسان بن ثابت ، رضي الله عنه :
------------------------------------------

أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيــــــــرٌ، *** وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُ

فلا يغرركَ خلة ُ من تؤاخي، *** فما لك عندَ نائبَة ٍ خلــيلُ

وكُلُّ أخٍ يقولُ: أنا وَفـــــــيٌّ، *** ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُولُ

سوى خلٍّ لهُ حسبٌ وديـنٌ، *** فذاكَ لما يقولُ هو الفعولُ

الصحـــة والفراغ :

 عن أبي هريرة رضي الله عنه :
=================
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
=======================================
( با دروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا  ) .

فبادر يا أخي بالأعمال الصالحة في زمن المهلة قبل أن تفلت من يدك الفرصة.

وقال : {
لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله: من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه }.

وقال :{
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ }.

فالفراغ نعمة عظيمة لمن شغلها بطاعة الله تعالى. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك هي بالباطل.

لقد هاج الفراغ عليك شغلاً *** وأسباب البلاء من الفراغ


يُحكى أن رجلاً كان يحاسب نفسه، فحسب يوماً سني عمره، فوجدها ستين سنة. فحسب أيامها، فوجدها واحداً وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم.

فصرخ صرخة، و خرّ مغشياً عليه. فلما أفاق قال: يا ويلتاه، أنا آتي ربي بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب؟!

يقول هذا لو كان يقترف ذنباً واحداً في كل يوم، فكيف بذنوب كثيرة لا تحصي؟

ثم قال: آه عليّ، عمرت دنياي، وخربت أخراي، وعصيت مولاي، ثم لا أشتهي النقلة من العمران إلى الخراب. وأنشد:

منازل دنياك شيّدتهــــا *** وخرّبت دارك في الآخــــرة


فأصبحت تكرهها للخرا *** ب وترغب في دارك العامرة


وفي الحديث: { اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك }.

واعلم أخي الحبيب أن لك موضعين تندم عندهما حيث لا ينفع الندم:

الأول: عند الاحتضار؛ حيث تريد مهلة من الزمن لتصلح ما أفسدت، وتتدارك ما ضيعت، ولكن هيهات.

الثاني: عند الحساب؛ حيث تُوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجلي، و لم يزد فيه عملي ).

وقال سعيد بن جبير: ( إن كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة ). 

نسأل الله العفو والعافيـــــــــــــة .